بــاب الآنيــة
1- تعريفُ الآنيةِ:
الآنيةُ لغةً وعرفاً: الأوعيةُ، جمعُ إناءٍ ووعاءٍ؛ كسقاءٍ وأسقيةٍ.
والوعاءُ: كلُّ ظرفٍ يمكنُ أن يستوعب غيره.
2- أحكامُ الآنيةِ:
- يُباح اتّخاذُ كلِّ إناءٍ طاهرٍ، واستعمالُه ولو ثميناً؛ لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم «اغتسل من جَفْنة-قَصْعَة-» [رواه أبو داود، والترمذي، وصحّحه]، و«توضّأ من تَوْر-قَدَح- من صُفْر-نُحاس-» [رواه البخاري]، و«من قِرْبة» [متّفق عليه].
- ويستثنى من هذا آنيةُ الذَّهبِ والفضّةِ والمموَّهِ بهما؛ لما روى حذيفة رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: »لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صِحافِها؛ فإنّها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة« ]متفق عليه[. وقال صلى الله عليه وسلم قال: »الذي يأكلُ أو يشربُ في آنيةِ الفِضّةِ والذَّهبِ إنّما يُجَرجرُ في بطنِه نارَ جهنّم] «رواه مسلم[
- ويستوي في النّهي عن ذلك الرّجال والنّساء لعموم الخبر.
- ومع تحريمها تصحُّ الطهارةُ بها، وبالإناءِ المغصوبِ؛ لأنّ الوضوءَ جريانُ الماءِ على العضو؛ فليس بمعصيةٍ، إنّما المعصيةُ استعمالُ الإناءِ
- ويُباح استعمالُ الإناءِ إذا ضُبِّب بضبّةٍ يسيرةٍ من الفِضّة لغير زينةٍ؛ لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه : أنّ قَدَح النّبيّ صلى الله عليه وسلم انكسر؛ فاتخذ مكان الشَّعْب-يعني: الشَّقَّ- سلسلة من فضّة. [رواه البخاري].
3- حكمُ آنيةِ غير المسلمين وثيابِهم:
- آنيةُ غيرِ المسلمين وثيابُهم طاهرةٌ؛ لأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أفرغ من مَزادَة امرأةٍ مشركةٍ ماءً؛ فسقى النّاسَ وأعطى رجلاً أصابته جنابةٌ ماءً ليغتسل به. [رواه البخاري].
- ومن يستحلّ المَيْتاتِ والنَّجاساتِ منهم فما استعملوه من آنيتِهم فهو نجسٌ؛ لما روى أبو ثعلبة الخُشَنيّ رضي الله عنه قال: «قلت : يا رسول الله ! إنّا بأرض قوم أهل كتاب؛ أفنأكل في آنيتهم؟ قال: إِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَ آنِيَتِهِمْ فَلا تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا ثُمَّ كُلُوا فِيهَا» [متفق عليه]. وما نسجوه أو صبغوه فهو طاهر.
- ولا ينجسُ شيءٌ بالشكِّ ما لم تعلم نجاستُه يقيناً؛ لأنّ الأصلَ الطّهارةُ.
4- حكمُ أجزاءِ الميْتةِ:
- عَظمُ الميتةِ، وقَرنُها، وظُفْرُها، وحافِرُها، وعَصَبُها، وجِلْدُها: نجسٌ، ولا يطهرُ بالدِّباغ؛ لقوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: 3]، والجلدُ جزءٌ منها. ولما روى عبد الله بن عُكيم قال: «قُرىء علينا كتابُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في أرضِ جُهَينةَ وأنا غلام شاب: ألا تنتفعُوا من الميتةِ بإهابٍ ولا عصبٍ» [رواه الخمسة، وحسّنه الترمذيُّ، وضعّفه غيرُه].
- والشَّعْرُ، والصُّوفُ، والرِّيشُ طاهرٌ إذا كان من ميتةٍ طاهرةٍ في الحياةٍ، ولو غير مأكولةٍ كالهرِّ والفأرِ؛ قال تعالى: ﴿وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ﴾ [النّحل: 80]، والريشُ مَقيسٌ على المنصوص عليه.
5- تغطيةُ الآنيةِ:
يُسَنُّ تغطيةُ الآنيةِ، وإيكاءُ-ربطُ- الأَسْقِيةِ؛ لحديث جابر أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: »إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ - أَوْ أَمْسَيْتُمْ - فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ...وَخَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّـه، وَلَوْ أَنْ تَعْرِضُوا عَلَيْهَا شَيْئًا] «متفق عليه]. خمروا: أي غطّوا..